للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قتل النفس]

ثالثاً: (قتل النفس)، بعد السحر جاء بقتل النفس بغير حق، والمقصود بالنفس: النفس المعصومة، وقتلها من أعظم الجرائم، وقد جاءت أحاديث كثيرة مع آيات في كتاب الله تدل على عظم ذلك، يقول الله جل وعلا: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:٩٣] أي: وعيد فوق هذا؟ وفي الحديث: (لو اجتمع أهل السموات والأرض على قتل مسلم بغير حق -أو قال: مؤمن- لأكبهم الله جل وعلا في النار)، وفي الحديث الآخر: (كل ذنب عسى الله أن يعفو عنه إلا الرجل يلقى الله مشركاً أو بدم حرام) فقرن الدم الحرام بالشرك.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الإنسان في فسحة حتى يصيب دماً حراماً).

وكذا ورد الترهيب في أحاديث كثيرة جداً، فهو أعظم الجرائم وأكبرها، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء، كما جاء في الحديث الذي في السنن: (يأتي المقتول يحمل رأسه، ويمسك القاتل بيده، ويقول: يا رب! اسأل هذا فيم قتلني؟) فهو الآن وصل إلى حكم عدل يقضي بالحق جل وعلا، ولا يفوت حق لمقتول أبداً.

وهذا في قتل النفس بغير حق، وقوله: (بغير حق) يخرج بذلك القتل بحق كالقاتل فإنه يقتل قصاصاً، والزاني المحصن فإنه يقتل بالرجم بالحجارة حتى يموت، وهذا قتل بحق، ولهذا جاء في الحديث الصحيح أنه قال: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) (المفارق) يعني: المرتد وهنا يقتل، هؤلاء ثلاثة يقتلون: الثيب المحصن (الزاني المحصن)، وإذا قتل نفساً بغير حق فإنه يقتل بها، وإذا فارق دينه فإنه يقتل، وهذا قتله بحق، ومن قتله لا يكون آثماً، بل يكون مأجوراً، ولكن الذي يقتل هؤلاء هو ولي الأمر الذي يأمر بقتلهم أو يقتلهم، وليس أحد الناس.