للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أكل الربا]

رابعاً: (أكل الربا)، الربا: مأخوذ من الزيادة.

تقول ربا الشيء: إذا زاد، وهو المال الزائد على المشروع، فكل زيادة بالدراهم أو بالذهب أو بالبر أو بالشعير أو بالتمر -الأصناف التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم- فالزائد فيها ربا، والربا أمره عظيم جداً، فإن الله جل وعلا يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:٢٧٨ - ٢٧٩] فقوله: (إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ): يدل على أن الإيمان شرط في اجتناب الربا، ومن أكل الربا فإن الإيمان منتف عنه.

ثم قال: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا): يعني: تجتنبوا.

(فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) فإنكم حرب لله ولرسوله، من الذي يحارب الله ورسوله؟ وهل يستطيع الناس أن يحاربوا الله؟ فأكل الربا هو حرب لله، وآكله محارب لله ولرسوله، ودرهم من الربا كما جاء في الحديث أعظم من سبعين زنية، وآكل الربا يعذب في قبره قبل الآخرة؛ فإن من أسباب عذاب القبر: أكل الربا، وكما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه رأى أكلة الربا يسبحون في أنهار شبه الدم، ويلقمون حجارة وبطونهم كبيرة)، وإذا قاموا من قبورهم كأنهم مجانين، يقوم أحدهم ويسقط مثل الذي يتخبطه الشيطان من المس كأنه مجنون، وتكون بطونهم كالبيوت لا يستطيع أن يحمل بطنه كلما قام يسقطه بطنه على الأرض، ثم بعد ذلك يدخل النار نسأل الله العافية.

يقول العلماء: أكل الربا سبب في سوء الخاتمة، وكل من يتعاطاه غالباً تكون خاتمته سيئة، وهذا أمر يخاف منه جداً؛ لأن الذنوب وإن كانت كبيرة يرجى أن يتوب الإنسان منها، ولكن مثل هذا يخاف ألا يوفق للتوبة.