للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العرافة من الكهانة]

العرافة تصدق على التنجيم، وعلى الحدس والتخمين، وعلى الاتصال بالجن أيضاً؛ لأنهم يخبرونه بالأمور المغيبة التي تكون عند بعض من يتعاطى هذه الأمور، ومنهم الذين يزعمون أنهم يقرءون على المصروع ويخرجون الصرع، فإن منهم من يكون ولياً للشياطين وللجن، فإذا جاءه المصروع يخبره الجني أنه هو الذي صرعه، وأنه صرعه من أجل ذلك، ويأمره بأمور وأشياء يفعلها حتى يخرج، ويكون في هذا فتنة.

كل إنسان له قرين من الجن، فإذا جاء هذا الذي أصيب بهذه الإصابة فقرين الكاهن الذي يتعاطى هذه الأمور يسأل قرين المصروع ما الذي صار؟ فيخبره بالواقع، وأنه صار فيه كذا وكذا، وصار له كذا وكذا، فيذهب القرين ويخبر وليه الكاهن الذي يتعاطى الأمور الغيبية، فيخبر الكاهن أصحاب المريض أو يخبر المريض بأنه صار لك كذا، وصار لك كذا، ويكون هذا فتنة؛ لأنهم يصدقونه ويقولون: إن هذا من الكشوفات التي تدل على أنه ولي، أو إن عنده أموراً يعرف بها هذه الأشياء، وقد يشفى جراء ذلك ابتلاء وامتحاناً، وهذا قد جاء الوعيد فيه لمن يفعله، وأنه ليس من أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم على دينه، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من تكهن أو تكهن له أو سَحَر أو سُحِر له) وهذا نوع منه.

وكذلك كل من يتعاطى أموراً من أمور الغيب سواءً بأسباب يذكرها وأمور يتعلل بها أو بمجرد حدس يحدسه ويظنه أو بمجرد أنه يزعم أنه يكشف له الأمر لأنه من الأولياء فهذا شرك؛ لأن أولياء الله ما يخالفون أمر الله ولا يخالفون كتابه، ولا يقول الولي للناس: اعلموا أني وليٌ، وأني أعلم كذا، وأعرف كذا، فإن هذا يريد من الناس أن يعتقدوا أنه وليّ حتى يتحسن له ما يكون في قلوبهم من المنزلة أو ما يتحصل له من أمور الدنيا، فهو دجال من الدجاجلة، فيجب أن يُحذر ويُعلم أنه ليس من أولياء الله، بل من أولياء الشيطان، فأولياء الله الذين تحدث لهم الكرامة ليس من شأنهم وليس من صنعهم أنهم يدعونها لأنفسهم، وإنما تحصل لهم إما بدعاء يدعونه الله جل وعلا لحاجة لهم أو لغيرهم فيحصل ذلك، أو بعمل يعملونه وليس لهم فيه دخل وإنما هو من توفيق الله، ثم هم لا يدعون الناس إلى أن يعتقدوا أنهم أولياء أو أنهم ينظرون إليهم، بل عندهم خوف من الله وازدراء لأنفسهم، ويود أحدهم أنه لا يكون له ذكر عند الناس أو شهرة، بل يود أن يكون مغموراً لا يُعرف؛ لأنهم يقصدون ما عند الله، ولا يقصدون ما عند الناس.

فإذا قصد الإنسان ما عند الناس فمعنى ذلك: أنه يريد الدنيا، وهذا شرك بالله، ولا يكون من أولياء الله.

ومن ذلك أيضاً: ما سبق في الدرس الماضي من الخطوط والضرب والحصى، وكذلك ما يلتحق به ويسمونه: قراءة الكأس وقراءة الفنجان أو النظر في الأبراج أو ما أشبه ذلك، هذه كلها من أمور الجاهلية التي تدخل تحت النهي، فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم).