للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعريف العرَّاف

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال البغوي: العراف: الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك، وقيل: هو الكاهن، والكاهن هو: الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، وقيل: الذي يخبر عما في الضمير.

وقال أبو العباس ابن تيمية: العراف: اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق].

يعني: الذي يتكلم بمعرفة الأمور الغائبة فهو من العرافين، وسمي عرافاً؛ لأنه يزعم أنه يعرف الشيء الغائب.

والطرق التي يأتي بها مختلفة، فبأي طريقة أتى بها سواءً باتصاله بالجن أو بضربه بالرمل أو بالحصى أو بالودع أو بالخطوط أو بالنظر في النجوم أو بالحدس والتخمين أو بغير ذلك فإن كل هذه المقدمات التي يفعلها ليس فيها دليل، وهي محرمة، وإذا تعاطى ذلك فإنه داخل في العرافة، ويشمله الوعيد الذي جاءت به النصوص.

قال الشارح رحمه الله: [قوله: قال البغوي إلى آخره: البغوي -بفتحتين- هو الحسين بن مسعود الفرَّاء الشافعي، صاحب التصانيف، وعالم أهل خراسان، كان ثقةً فقيهاً زاهداً، مات في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة رحمه الله تعالى.

قوله: (العراف: الذي يدعي معرفة الأمور) ظاهره أن العراف هو الذي يخبر عن الوقائع كالسرقة وسارقها والضالة ومكانها].

ولا يدخل في هذا القافة الذين لهم أصل في معرفة الأثر فقط؛ لأنهم يعرفون الآثار بخاصية أعطاهم الله جل وعلا إياها، فإنه إذا رأى أثر الإنسان ثم رآه عرف أن هذه أثره، ويجزم بذلك، وكذلك إذا رأى قدميه يعرف أن هذه القدم شبيهة بالقدم الأخرى أو أنها منها.

فإنه ثبت في الصحيح: أن مجززاً دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة وأسامة نائمين وملتحفين بقطيفة، وقد خرجت أقدامهما، فحضر إليهما وقال: هذه الأقدام بعضها من بعض، ففرح الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا، وذلك أن زيداً كان يخالف أسامة في اللون، وكان بعض الناس يقول: إنه ليس ابنه، ولما قال ذلك فرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يفرح بباطل.

فهذا في شيء معين، وليس هو كما يدعيه العراف، فالقائف إما أن يرى الأثر فيعلم إذا رأى الإنسان أنه صاحب هذا الأثر، أو يرى قدماً أو يرى وجهاً أو ما أشبه ذلك فيجزم أن هذا قريب هذا بالشبه الذي أعطي خاصيةً في معرفته.