للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)}. (١)

[السبب الخامس: شد أزر السلفين وتثبيت قلوبهم:]

قد يشعر المؤمن عموماً والسلفي خصوصاً بغربته في هذا الزمان وهو بين أهله، وبوحدته وهو بين أترابه، ليست غربة اتخذها اختياراً، ولا وحدة اصطفاها لنفسه استئثاراً، وإنما سيق لها اضطراراً، سنة اقتضتها حكمة رب عليم حكيم؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء" (٢).

قال الشاطبي: "وهذه سنة الله في الخلق، أن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل، لقوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)} (٣)، وقوله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (١٣)} (٤)، ولينجز الله ما وعد به نبيه - صلى الله عليه وسلم - من عود وصف الغربة إليه؛ فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد الأهل أو قلتهم، وذلك حين يصير المعروف منكراً والمنكر معروفاً، وتصير


(١) مجموع الفتاوى (١٣/ ٢٣ - ٣٠).
(٢) مسلم (١/ ١٣٠/١٤٥) وابن ماجه (٢/ ١٣١٩ - ١٣٢٠/ ٣٩٨٦)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) يوسف الآية (١٠٣).
(٤) سبأ الآية (١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>