للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جماعة من أصحاب الحديث، فمرض فعدناه وقلنا: كيف أصبحت؟ قال في عافية، راضيا عن الله ساخطا على ذي القرنين: كيف لم يجعل سدا بيننا وبين أهل العراق كما جعله بين أهل خراسان وبين يأجوج ومأجوج، فما كان بعد هذا إلا يسيرا حتى وافى المأمون دمشق، ونزل بدير مران وبنى القبة فوق الجبل، فكان بالليل يأمر بجمر عظيم فيوقد ويجعل في طسوت كبار تدلى من عند القبيبة بسلاسل وحبال فتضيء لها الغوطة فيبصرها بالليل.

وكان لأبي مسهر حلقة في الجامع بين العشائين عند حائط الشرقي، فبينا هو ليلة إذ قد دخل الجامع ضوء عظيم فقال أبو مسهر: ما هذا؟ قالوا: النار التي تدلى من الجبل لأمير المؤمنين حتى تضيء له الغوطة فقال: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} (١) وكان في الحلقة صاحب خبر للمأمون، فرفع ذلك إلى المأمون فحقدها عليه، وكان قد بلغه أيضا أنه كان على قضاء أبي العميطر، فلما رحل المأمون أمر بحمل أبي مسهر إليه فامتحنه بالرقة في القرآن ...

- وفيه بالسند إلى أصبغ: وكان مع أبي مسهر هو وابن أبي النجا، خرجا معه يخدمانه فحدثني أصبغ أن أبا مسهر دخل على المأمون بالرقة وقد ضرب رقبة رجل وهو مطروح، فأوقف أبا مسهر في الحال فامتحنه فلم يجبه، فأمر به فوضع في النطع ليضرب عنقه فأجاب إلى خلق القرآن، فأخرج من النطع، فرجع عن قوله فأعيد إلى النطع، فأجاب فأمر به أن يوجه إلى العراق،


(١) الشعراء الآيتان (١٢٨ - ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>