للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعلم رحمك الله: أن أهل العلم والعناية بالدين افترقوا في هذا الأمر فرقتين، فقالت إحداهما: الإيمان بالإخلاص لله بالقلوب وشهادة الألسنة وعمل الجوارح.

وقالت الفرقة الأخرى: بل الإيمان بالقلوب والألسنة، فأما الأعمال فإنما هي تقوى وبر، وليست من الإيمان.

وإنا نظرنا في اختلاف الطائفتين، فوجدنا الكتاب والسنة يصدقان الطائفة التي جعلت الإيمان بالنية والقول والعمل جميعا، وينفيان ما قالت الأخرى. (١)

- قال أيضا: ومما يصدق تفاضله بالأعمال قول الله جل ثناؤه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} إلى قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} (٢) فلم يجعل الله للإيمان حقيقة إلا بالعمل على هذه الشروط، والذي يزعمه أنه بالقول خاصة، يجعله مؤمنا حقا وإن لم يكن هناك عمل فهو معاند لكتاب الله والسنة. ومما يبين لك تفاضله في القلب قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ


(١) كتاب الإيمان (٩ - ١٠).
(٢) الأنفال الآيتان (٢و٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>