للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يروى برفع الهاء ونصبها، فالرفع على معنى لا يبقى موحد يذكر الله عز وجل، والنصب على معنى لا يبقى آمر بمعروف ولا ناه عن منكر يقول: أخاف الله، وحينئذ يتمنى العاقل الموت، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني كنت مكانه" (١) انتهى. (٢)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في 'الفرقان بين الحق والباطل': لكن تضعيف الأجر لهم في أمور لم يضعف للصحابة، لا يلزم أن يكونوا أفضل من الصحابة، ولا يكون فاضلهم كفاضل الصحابة؛ فإن الذي سبق إليه الصحابة، من الإيمان والجهاد، ومعاداة أهل الأرض في موالاة الرسول، وتصديقه وطاعته فيما يُخبر به ويوجبه قبل أن تنتشر دعوته وتظهر كلمته وتكثر أعوانه وأنصاره وتنتشر دلائل نبوته، بل مع قلة المؤمنين وكثرة الكافرين والمنافقين، وإنفاق المؤمنين أموالهم في سبيل الله ابتغاء وجهه في مثل تلك الحال أمر ما بقي يحصل مثله لأحد. (٣)

وبالجملة فصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل هذه الأمة وأبرها قلوبا وأعمقها علما ولن يبلغ أحد مد أحدهم ولا نصيفه وإن ضوعف له في الأجر بسبقهم إلى الإسلام ودفاعهم عنه ومقامهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذبهم عنه وبتبليغهم دعوته بعده، وتزكية الله لهم، والأجر غير الفضل، فقد يزاد للرجل بعدهم في الأجر كما صح في الخبر، ولا يبلغ الفضل الذي خصوا به، وبالله


(١) تقدم تخريجه. انظر مواقف أبي ذر سنة (٣٢هـ).
(٢) نفح الطيب (٢/ ٣٧ - ٣٩).
(٣) مجموع الفتاوى (١٣/ ٦٥ - ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>