للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- مناظرته لبشر بن غياث المريسي:

عن عبد العزيز بن يحيى المكي الكناني: أرسل لي أمير المؤمنين المأمون فأحضرني، وأحضر بشر بن غياث المريسي فدخلنا عليه، فلما جلسنا بين يديه، قال: إن الناس قد أحبوا أن تجتمعا وتتناظرا، فأردت أن يكون ذلك بحضرتي، فَأَصِّلا فيما بينكما أصلا إن اختلفتما في فرع رجعتما إلى الأصل، فإن انقضى فيما بينكما أمره إلا كانت لكما عودة. قال عبد العزيز: قلت: يا أمير المؤمنين، إني رجل لم يسمع أمير المؤمنين كلامي قبل هذا اليوم، وقد سمع كلام بشر ودار في مسامعه، فصار دقيق كلامه جليلا عند أمير المؤمنين وفي بعض كلامي دقة، فإن رأى أمير المؤمنين أن أتكلم، فأقدم من كلامي شيئا يتبين به الكلمة التي تدق على سامعها ولا تغبى إذا طرت على أهل المجلس، قال: ونزهته أن أواجهه بها. فقال: قل يا عبد العزيز. قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إنه من ألحد في كتاب الله جاحدا أو زائدا، لم يناظر بالتأويل ولا بالتفسير ولا بالحديث. قال: فبم يناظر؟ قلت له: بالتنزيل. قال الله عزوجل لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} (١) وقال: {إِنَّمَا أنذركم بِالْوَحْيِ} (٢) وقال لليهود حين ادعت تحريم أشياء لم


(١) الرعد الآية (٣٠).
(٢) الأنبياء الآية (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>