للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليك عبد العزيز إلا أن تقر أن لله علما، ثم قال لي أمير المؤمنين: تقول إن الله عالم؟ قلت: نعم. قال: وتقول أن لله علما؟ قلت: نعم. قال: تقول إن الله سميع بصير؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فتقول أن لله سمعا وبصرا كما قلت أن لله علما؟ قال: قلت: لا يا أمير المؤمنين. فقال لي: فرق بين هذين. قال: فأقبل بشر، فقال: يا أمير المؤمنين يا أفقه الناس يا أعلم الناس يقول الله عز وجل: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (١٨) (١) قال: قلت: قد قدمت إلى أمير المؤمنين فيما احتججت به أن على المؤمنين أن يثبتوا ما أثبت الله وينفوا ما نفى الله، ويمسكوا عن ما أمسك الله، فأخبرني الله أنه عالم، فقلت: إنه عالم بقوله: {عَالِمُ الغيب والشهادة} (٢) وأخبرني أن له علما بقوله: {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أنزل بِعِلْمِ اللَّهِ} (٣)، وأخبرني أنه سميع بصير، فقلت بالخبر ولم يخبرني أن له سمعا وبصرا، فأمسكت.

فقال المأمون: ما هو مشبها فلا تكذبوا عليه. فقال لي بشر: فما معنى العلم، لو أن رجلين وردا عليك فقالا ما معنى العلم؟ فحلف أحدهما بالطلاق أن العلم هو الله، وقال الآخر: أن العلم غير الله، ما كان جوابك؟ قلت: أما مسألتك إياي ما معنى العلم، فإنك تسألني عما لم يخبرني الله به ولم يخبر


(١) الأنبياء الآية (١٨).
(٢) الأنعام الآية (٧٣).
(٣) هود الآية (١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>