للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدا، فأمرتني أن أقول على الله ما لم أعلم كما أمر الشيطان، فأولى الأمرين بي أن أمسك عما حرم الله علي أن أقول به، وأمرني الشيطان أن أقوله. قال الله عزوجل: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (١) وقال: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٢) ثم أقبلت على المأمون، فقلت: يا أمير المؤمنين، إن بشرا قد علم أنه قد أفحم فلم يكن عنده جواب، فيسأل عما لم يكن له أن يسأل عنه ولا يكون لي أن أجيب عنه، فأراد أن يقول إن عبد العزيز سأل بشرا عن مسألة فلم يجبه، وسأل بشر عبد العزيز فلم يجبه، فأنا وبشر يا أمير المؤمنين من مسألتي ومسألته على غير السواء، سألته عما أعلمه الله به ووقعه عليه بالإعلام وتعبده بالإيمان به لقوله: {وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أنزل اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ} (٣)

فأبى أن يقر به، وسألني عن معنى العلم وقد ستر الله ذلك عني وعنه، وإنما يدخل النقص علي لو كان بشر يعلم أو أحد العلماء ما العلم، فأما ما نجتمع أنا وبشر والخلق في الجهل بمعرفته، فلم يكن الضرر داخلا علي


(١) الأعراف الآية (٣٣).
(٢) البقرة الآيتان (١٦٨و١٦٩).
(٣) الشورى الآية (١٥) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>