للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بغداد إليه، فاجتمع به فأكرمه وأمر له بجائزة سنية فلم يقبلها، وخلع عليه خلعة سنية من ملابسه فاستحيا منه أحمد كثيرا فلبسها إلى الموضع الذي كان نازلا فيه ثم نزعها نزعا عنيفا وهو يبكي رحمه الله تعالى. وجعل المتوكل في كل يوم يرسل إليه من طعامه الخاص ويظن أنه يأكل منه، وكان أحمد لا يأكل لهم طعاما بل كان صائما مواصلا طاويا تلك الأيام، لأنه لم يتيسر له شيء يرضى أكله، ولكن كان ابنه صالح وعبد الله يقبلان تلك الجوائز وهو لا يشعر بشيء من ذلك، ولولا أنهم أسرعوا الأوبة إلى بغداد لخشي على أحمد أن يموت جوعا، وارتفعت السنة جدا في أيام المتوكل عفا الله عنه، وكان لا يولي أحدا إلا بعد مشورة الإمام أحمد، وكان ولاية يحيى بن أكثم قضاء القضاة موضع ابن أبي دؤاد عن مشورته، وقد كان يحيى بن أكثم هذا من أئمة السنة، وعلماء الناس، ومن المعظمين للفقه والحديث واتباع الأثر. (١)

أحمد بن صالح (٢) (٢٤٨ هـ)

أحمد بن صالح الإمام الكبير، حافظ زمانه بالديار المصرية أبو جعفر المصري المعروف بابن الطبري، ولد بمصر سنة سبعين ومائة. روى عن ابن وهب وسفيان ابن عيينة وعبد الرزاق وأبي نعيم وعفان وخلق سواهم. روى عنه البخاري، وأبو داود، وأبو زرعة الرازي، والدمشقي، والدارمي،


(١) البداية (١٠/ ٣٢٩ - ٣٣٠).
(٢) السير (١٢/ ١٦٠ - ١٧٧) وتهذيب الكمال (١/ ٣٤٠ - ٣٥٤) وتهذيب التهذيب (١/ ٣٩ - ٤٢) وتاريخ بغداد (٤/ ١٩٥ - ٢٠٢) وتذكرة الحفاظ (٢/ ٤٩٥ - ٤٩٦) والوافي بالوفيات (٦/ ٤٢٤) وشذرات الذهب (٢/ ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>