للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من آيات النبي - صلى الله عليه وسلم - والعلم من أعلامه لا يجوز عنده أن يراها الواحد والاثنان والنفر دون الجميع. أو ليس قد يجوز أن يخبر الواحد والاثنان والنفر والجميع، كما أخبر مكلم الذئب، بأن ذئبا كلمه، وأخبر آخر بأن بعيرا شكا إليه، وأخبر آخر أن مقبورا لفظته الأرض. وطعنه عليه لجحده سورتين من القرآن العظيم، يعني "المعوذتين" فإن لابن مسعود في ذلك سببا، والناس قد يظنون ويزلون، وإذا كان هذا جائزا على النبيين والمرسلين، فهو على غيرهم أجوز. وسببه في تركه، إثباتهما في مصحفه أنه كان يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوذ بهما الحسن والحسين، ويعوذ غيرهما، كما كان يعوذهما بـ "أعوذ بكلمات الله التامة" فظن أنهما ليستا من القرآن، فلم يثبتهما في مصحفه.

وبنحو هذا السبب أثبت أبي بن كعب في مصحفه، افتتاح دعاء القنوت، وجعله سورتين لأنه كان يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يدعو بهما في الصلاة، دعاء دائما، فظن أنه من القرآن. وأما التطبيق فليس من فرض الصلاة، وإنما الفرض، الركوع والسجود، لقول الله عز وجل: {اركعوا واسجدوا} (١). فمن طبق فقد ركع، ومن وضع يديه على ركبتيه، فقد ركع. وإنما وضع اليدين على الركبتين، أو التطبيق من آداب الركوع. وقد كان الاختلاف في آداب الصلاة. فكان منهم من يقعي، ومنهم من يفترش، ومنهم من يتورك. وكل ذلك لا يفسد الصلاة وإن اختلف. وأما نسبته إياه إلى الكذب في حديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد


(١) الحج الآية (٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>