للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ندمت ندامة الكسعي لما ... غدت مني مطلقة نوار

وكانت جنة فخرجت منها ... كآدم حين أخرجه الضرار

ولو ضنت يداي بها ونفسي ... لكان علي للقدر الخيار

وقال النابغة:

وليس امرؤ نائلا من هوا ... هـ شيئا إذا هو لم يكتب

وكيف يكذب ابن مسعود رضي الله عنه في أمر توافقه عليه كتب الله تعالى ... (١)

قال أبو محمد: وأما حديثه الآخر الذي نسبه فيه إلى الكذب، فقال رأى قوما من الزط، فقال: هؤلاء أشبه من رأيت بالجن ليلة الجن ثم سئل عن ذلك فقيل له: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن؟ فقال ما شهدها منا أحد. فادعى في الحديث الأول أنه شهدها، وأنكر ذلك في الحديث الآخر وتصحيحه الخبرين عنه فكيف يصح هذا عن ابن مسعود، مع ثاقب فهمه، وبارع علمه، وتقدمه في السنة، الذين انتهى إليهم العلم بها، واقتدت بهم الأمة مع خاصته برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولطف محله. وكيف يجوز عليه أن يقر بالكذب، هذا الإقرار، فيقول: اليوم شهدت ويقول غدا: لم أشهد؟ ولو جهد عدوه، أن يبلغ منه ما بلغه من نفسه، ما قدر ولو كان به خبل، أو عته، أو آفة، ما زاد على ما وسم به نفسه. وأصحاب الحديث لا يثبتون حديث الزط (٢). وما ذكر من حضوره مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، وهم القدوة عندنا في المعرفة بصحيح


(١) تأويل مختلف الحديث (٢٠ - ٢٩).
(٢) أخرجه الترمذي (٥/ ١٣٤/٢٨٦١) وقال: "حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه".

<<  <  ج: ص:  >  >>