للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو محمد: وهذا من الكناية، لأن معنى هذا، أنه قال: كنت في شدة وكرب وغم من أهل مكة، ففرج الله عني بالأنصار. يعني: أنه يجد الفرج من قبل الأنصار، وهم من اليمن. فالريح من فرج الله تعالى وروحه، كما كان الأنصار من فرج الله تعالى.

قال أبو محمد: وقد بينت هذا في كتاب 'غريب الحديث' بأكثر من هذا البيان، ولم أجد بدا من ذكره ههنا، ليكون الكتاب جامعا للفن الذي قصدوا له. (١)

- قال أبو محمد: قالوا: رويتم "أن كلتا يديه يمين" (٢)، وهذا يستحيل إن كنتم أردتم باليدين العضوين، وكيف تعقل يدان كلتاهما يمين؟ قال أبو محمد: ونحن نقول: إن هذا الحديث صحيح وليس هو مستحيلا وإنما أراد بذلك معنى التمام والكمال، لأن كل شيء فمياسره تنقص عن ميامنه في القوة والبطش، والتمام. وكانت العرب تحب التيامن، وتكره التياسر، لما في اليمين من التمام، وفي اليسار من النقص، ولذلك قالوا: "اليمن والشؤم" فاليمن من اليد: اليمنى، والشؤم من اليد: الشؤمى، وهي اليد اليسرى، وهذا وجه بين. ويجوز أن يريد: العطاء باليدين جميعا، لأن اليمنى هي المعطية. فإذا كانت اليدان يمينين كان العطاء بهما، وقد روي في حديث آخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) تأويل مختلف الحديث (٢١٢).
(٢) أخرجه: أحمد (٢/ ١٦٠) ومسلم (٣/ ١٤٥٨/١٨٢٧) والنسائي (٨/ ٦١٢ - ٦١٣/ ٥٣٩٤) من طريق عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>