للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن تيمية عقبه: فهذه شهادة الصحابة بفقهه ودينه، والشاهد بالفقه ابن عباس (١)، وبحسن الصلاة أبو الدرداء، وهما هما. والآثار الموافقة لهذا كثيرة. هذا ومعاوية ليس من السابقين الأولين، بل قد قيل: إنه من مسلمة الفتح. وقيل: أسلم قبل ذلك. وكان يعترف بأنه ليس من فضلاء الصحابة. وهذه سيرته مع عموم ولايته، فإنه كان في ولايته من خراسان إلى بلاد إفريقية بالمغرب، ومن قبرص إلى اليمن. ومعلوم بإجماع المسلمين أنه ليس قريبا من عثمان وعلي، فضلا عن أبي بكر وعمر. فكيف يشبه غير الصحابة بهم؟ وهل توجد سيرة أحد من الملوك مثل سيرة معاوية رضي الله عنه؟ (٢)

[موقفه من الجهمية:]

- روى الآجري في الشريعة: عن يعلى بن عطاء قال: جاء رجل إلى أبي الدرداء فقال له: إنك معلم، وإنك على جناح فراق الدنيا، فعلمني خيرا ينفعني الله به، فقال أبو الدرداء: إما لا، فاعقل، كيف أنت إذا لم يكن لك من الأرض إلا موضع أربعة أذرع في ذراعين، جاء بك أهلك الذين كانوا يكرهون فراقك، وإخوانك الذين كانوا يتحزبون بأمرك فتلوك في ذلك المتل، ثم سدوا عليك من اللبن، وأكثروا عليك من التراب، وخلوا بينك وبين متلك ذلك، فجاءك ملكان أزرقان جعدان، يقال لهما: منكر ونكير، فقالا: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فإن قلت ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد -والله- هديت ونجوت، وإن قلت: لا أدري، فقد -والله- هويت


(١) شهادة ابن عباس لمعاوية بالفقه ستأتي معنا بإذن الله في مواقف ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢) المنهاج (٦/ ٢٣٥ - ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>