للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظهر بالبحرين رأس القرامطة أبو سعيد الجنابي، وكثرت جموعه، وانضاف إليه بقايا الزنج، وكان كيالا بالبصرة، فقيرا يرفوا الأعدال، وهم يستخفون به، ويسخرون منه، فآل أمره إلى ما آل، وهزم عساكر المعتضد مرات، وفعل العظائم، ثم ذبح في حمام قصره. فخلفه ابنه سليمان الذي أخذ الحجر الأسود، وقتل الحجيج حول الكعبة، وهو جد أبي علي الذي غلب على الشام، وهلك بالرملة في سنة خمس وستين وثلاث مئة.

وفي سنة سبع: استفحل شأن القرامطة، وأسرفوا في القتل والسبي، والتقى الجنابي وعباس الأمير، فأسره الجنابي، وأسر عامة عسكره، ثم قتل الجميع سوى عباس، فجاء إلى المعتضد وحده في أسوء حال.

ووقع الفناء بأذربيجان، حتى عدمت الأكفان جملة، فكفنوا في اللبود.

واعتل المعتضد في ربيع الآخر، ثم تماثل، وانتكس، فمات في الشهر، وقام المكتفي لثمان بقين من الشهر، وكان غائبا بالرقة، فنهض بالبيعة له الوزير القاسم بن عبيد الله.

وعن وصيف الخادم، قال: سمعت المعتضد يقول عند موته:

تمتع من الدنيا فإنك لا تبقى ... وخذ صفوها ما إن صفت ودع الرنقا

ولا تأمنن الدهر إني أمنته ... فلم يبق لي حالا ولم يرع لي حقا

قتلت صناديد الرجال فلم أدع ... عدوا ولم أمهل على ظنة خلقا

وأخليت دور الملك من كل بازل ... وشتتهم غربا ومزقتهم شرقا

فلما بلغت النجم عزا ورفعة ... ودانت رقاب الخلق أجمع لي رقا

رماني الردى سهما فأخمد جمرتي ... فها أنا ذا في حفرتي عاجلا ملقى

<<  <  ج: ص:  >  >>