للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخلوها، فلما وجدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخبر أن الله يقول: "أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان" ثبت أن شر المسلمين في قلبه إيمان، ولما وجدنا الأمة يحكم عليهم بالأحكام التي ألزمها الله المسلمين، ولا يكفرونهم ولا يشهدون لهم بالجنة، ثبت أنهم مسلمون، إذ أجمعوا أن يمضوا عليهم أحكام المسلمين، وأنهم لا يستحقون أن يسموا مؤمنين، إذ كان الإسلام ثبتا للملة التي يخرج بها المسلم من جميع الملل، فتزول عنه أسماء الملل، إلا اسم الإسلام، وتثبت أحكام الإسلام عليه، وتزول عنه أحكام جميع الملل.

فإن قال لهم قائل: لم لم تقولوا: كافرون إن شاء الله، تريدون به كمال الكفر، كما قلتم: مؤمنين ان شاء الله، تريدون به كمال الإيمان؟!.

قالوا: لأن الكافر منكر للحق، والمؤمن أصلي الإقرار، والإنكار لا أول له ولا آخر، فينتظر به الحقائق.

والإيمان أصله التصديق، والإقرار ينتظر به حقائق الأداء لما أقر، والتحقيق لما صدق، ومثل ذلك كمثل رجلين عليهما حق لرجل، فسأل أحدهما حقه، فقال: ليس لك عندي حق، فأنكر وجحد، فلم تبق له منزلة يحقق بها ما قال إذ جحد وأنكر. وسأل الآخر حقه، فقال: نعم، لك علي كذا وكذا، فليس إقراره بالذي يصل إليه بذلك حقه دون أن يوفيه وهو منتظر له أن يحقق ما قال إلا بأداءه، ويصدق إقراره بالوفاء ولو أقر، ثم لم يؤد حقه كان كمن جحده في المعنى، إذا استويا في الترك للأداء، فتحقيق ما قال: أن يؤدي إليه حقه، فإن أدى جزءا منه حقق بعض ما قال، ووفى ببعض ما أقر به، وكلما أدى جزءا ازداد تحقيقا لما أقر به، وعلى المؤمن الأداء أبدا لما

<<  <  ج: ص:  >  >>