للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما صرت إلى باب البيت أقبلت أقول: آمنت وصدقت ما ثم حيلة وليس إلا التصديق بك. قال: فخرج وخرجت وعدوت فرأى السمكة معي فعدا خلفي فلحقني فضربت بالسمكة في وجهه وقلت له: أتعبتني حتى مضيت إلى البحر فاستخرجت هذه، فاشتغل بما لحقه من السمكة فلما صرت في الطريق رميت بنفسي لما لحقني من الجزع والفزع فجاء إلي وضاحكني وقال: ادخل فقلت: هيهات. فقال: اسمع والله لئن شئت قتلتك على فراشك، ولكن إن سمعت بهذه الحكاية لأقتلنك. فما حكيتها حتى قتل. (١)

- وقال ابن كثير: روى الخطيب البغدادي أن الحلاّج بعث رجلاً من خاصة أصحابه وأمره أن يذهب بين يديه إلى بلد من بلاد الجبل، وأن يظهر لهم العبادة والصلاح والزهد، فإذا رآهم قد أقبلوا عليه وأحبوه واعتقدوه أظهر لهم أنه قد عمي، ثم يظهر لهم بعد أيام أنه قد تكسح، فإذا سعوا في مداواته، قال لهم: يا جماعة الخير، إنه لا ينفعني شيء مما تفعلون، ثم يظهر لهم بعد أيام أنه قد رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام وهو يقول له: إن شفاءك لا يكون إلا على يدي القطب، وإنه سيقدم عليك في اليوم الفلاني في الشهر الفلاني، وصفته كذا وكذا. وقال له الحلاج: إني سأقدم عليك في ذلك الوقت. فذهب ذلك الرجل إلى تلك البلاد فأقام بها يتعبد ويظهر الصلاح والتنسك ويقرأ القرآن. فأقام مدة على ذلك فاعتقدوه وأحبوه، ثم أظهر لهم أنه قد عمي فمكث حيناً على ذلك، ثم أظهر لهم أنه قد زمن، فسعوا بمداواته


(١) السير (١٤/ ٣٢٣ - ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>