للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستحضوا العلماء واقبلوا نصحهم واعلموا أنه لن يزال الجاهل بخير ما وجد عالماً يقمع جهله ويرده إلى صواب القول والعمل إن مَنّ الله عليه بالقبول، فإذا تكلم الجاهل بجهله وعُدم الناس العالم أن يرد عليه بعلمه فقد تودع من الخلق، وربنا الرحمن المستعان على ما يصفون.

فالله الله، ثم الله الله يا إخوتاه من أهل السنة والجماعة والمحبة للسلامة والعافية في أنفسكم وأديانكم فإنما هي لحومكم ودماؤكم، لا تعرضون لما نهى الله عنه عز وجل من الجدل والخوض في آيات الله وأكد ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحذر منه وكذلك أئمة الهدى من بعده من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين ارتضاهم لصحبة نبيه - صلى الله عليه وسلم - واختاره لهم، وكذلك التابعون بإحسان في كل عصر وزمان ينهون عن الجدل والخصومات في الدين، ويحذرون من ذلك أشد التحذير حتى كان آخرهم في ذلك أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه وأرضاه، فكان أشد أهل زمانه في ذلك قولاً وأوكده فيه رأياً وآخذ به على الخلق وأنصحه لهم، صبر في ذلك على البلاء من فتنته الضراء والسراء والشدة والرخاء والضرب الشديد بعد طول الحبس في ضنك الحديد، فبذل لله مهجة نفسه وجاد بالحياة لأهلها، وآثر الموت على أصعب العقوبات يرضى منه على بلوغ ما أوجب الله عز وجل على العلماء من القيام بأمره، ورحمة منه على الخلق وشفقا عليهم فأصبر لعظيم جهد بلاء الدنيا نفسه، واحتمل في ذات الله كل ما عجز الخلق أجمعون عن احتمال مثله أو بعضه أخذ بعنان الحق صابراً على وعر الطريق وخشونة المسلك، منفرداً بالوحدة عاضّاً على لجام الصواب، جواد لمحبوب العافية لأهلها، إذ

<<  <  ج: ص:  >  >>