للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناظرتك لهم كذا قال من تقدم من السلف الصالح من علماء المسلمين. (١)

- وقال: ألم تسمع، رحمك الله، إلى ما تقدم ذكرنا له من قول أبي قلابة: لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة، أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم.

أو لم تسمع إلى قول الحسن وقد سأله رجل عن مسألة فقال: ألا تناظرني في الدين؟ فقال له الحسن: أما أنا فقد أبصرت ديني، فإن كنت أنت أضللت دينك فالتمسه.

أو لم تسمع إلى قول عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه عرضاً للخصومات أكثر التنقل.

قال محمد بن الحسين رحمه الله: فمن اقتدى بهؤلاء الأئمة سلم له دينه إن شاء الله تعالى.

فإن قال قائل: فإن اضطرني في الأمر وقتا من الأوقات إلى مناظرتهم، وإثبات الحجة عليهم ألا أناظرهم؟

قيل له: الاضطرار إنما يكون مع إمام له مذهب سوء، فيمتحن الناس، ويدعوهم إلى مذهبه، كفعل من مضى في وقت أحمد بن حنبل: ثلاثة خلفاء امتحنوا الناس، ودعوهم إلى مذهبهم السوء، فلم يجد العلماء بدّاً من الذب عن الدين، وأرادوا بذلك معرفة العامة الحق من الباطل، فناظروهم ضرورة لا اختياراً، فأثبت الله تعالى الحق مع أحمد بن حنبل، ومن كان على طريقته، وأذل الله تعالى المعتزلة وفضحهم، وعرفت العامة أن الحق ما كان عليه أحمد


(١) الشريعة (١/ ١٩٥ - ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>