للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موقفه من الخوارج:]

- قال محمد بن الحسين: لم يختلف العلماء قديماً وحديثاً أن الخوارج قوم سوء، عصاة لله تعالى ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، وإن صلوا وصاموا، واجتهدوا في العبادة، فليس ذلك بنافع لهم، نعم ويظهرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس ذلك بنافع لهم؛ لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون، ويموهون على المسلمين، وقد حذرنا الله تعالى منهم، وحذرنا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحذرناهم الخلفاء الراشدون بعده، وحذرناهم الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان. والخوارج هم الشراة الأنجاس الأرجاس، ومن كان على مذهبهم من سائر الخوارج، يتوارثون هذا المذهب قديما وحديثا، ويخرجون على الأئمة والأمراء ويستحلون قتل المسلمين. فأول قرن طلع منهم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو رجل طعن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يقسم الغنائم، فقال: اعدل يا محمد، فما أراك تعدل، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ويلك، فمن يعدل إذا لم أكن أعدل؟ " فأراد عمر رضي الله عنه قتله، فمنعه النبي - صلى الله عليه وسلم - من قتله وأخبر: "أن هذا وأصحابا له يحقر أحدكم صلاته مع صلاته وصيامه مع صيامه، يمرقون من الدين" (١). وأمر في غير حديث بقتالهم، وبين فضل من قتلهم أو قتلوه. ثم إنهم بعد ذلك خرجوا من بلدان شتى، واجتمعوا وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى قدموا المدينة، فقتلوا عثمان بن عفان رضي الله عنه. وقد اجتهد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ممن كان بالمدينة في أن لا يقتل


(١) أحمد (٣/ ٦٥) والبخاري (٦/ ٧٦٦/٣٦١٠) ومسلم (٢/ ٧٤٤ - ٧٤٥/ ١٠٦٤ (١٤٨)) والنسائي في الكبرى (٥/ ١٥٩/٨٥٦٠) وابن ماجه (١/ ٦٠/١٦٩) مختصراً. من حديث أبي سعيد الخدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>