للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من زعم أن ابن مسعود ظن ولم يستيقن، فحكى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على ظنه فقد جعل إلى هدم الإسلام مقالته هذه، بأن يتجاهل أهل الزيغ فيتهجم على كل خبر جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يوافق مذهبهم فيسقطونه، بأن يقولوا: هذا ظن من الصحابة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ لا فرق بين ابن مسعود وسائر الصحابة رضي الله عنهم. وهذا ضد ما أجمع عليه المسلمون، وقد أكذب القرآن مقالة هذا القائل في الآية التي شهد فيها لابن مسعود بالصدق في جملة الصحابة.

ثم قلت له: والأصابع قد رواها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضاً أصحابه منهم أنس ابن مالك في حديث الأعمش عن أبي سفيان عن أنس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قال قلنا: يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به. فهل تخاف علينا؟ قال: نعم إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله عز وجل يقلبها» (١). ثم قال لي: تروي حديث أبي هريرة «خلق آدم على صورته» (٢) ويومئ إلى أنه مخلوق على صورة آدم.

فقلت له: قال أحمد بن حنبل: من قال إن آدم خلقه الله عز وجل على صورة آدم فهو جهمي وأي صورة كانت لآدم قبل خلقه؟ فقال لي: قد جاء الحديث عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله خلق آدم على صورة آدم».

فقلت له: هذا كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال لي: بلى، قد جاء في الحديث «طوله ستون ذراعاً» على أنه آدم.


(١) انظر تخريجه في مواقف بشر بن الحارث سنة (٢٢٧هـ).
(٢) انظر تخريجه في مواقف البربهاري سنة (٣٢٩هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>