للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهرها. فلما سكتوا وجب علينا أن نسكت حيث سكتوا ونقبل طوعاً ما قبلوا.

فقال لي: أنتم المشبهة. فقلت: حاشا لله، المشبه الذي يقول: وجه كوجهي ويد كيدي. فأما نحن فنقول: له وجه كما أثبت لنفسه وجهاً. وله يد كما أثبت لنفسه يداً. وليس كمثله شيء وهو السميع البصير. ومن قال هذا فقد سلم ثم قلت له: أنت مذهبك أن كلام الله عز وجل ليس بأمر ولا نهي ولا متشابه ولا ناسخ ولا منسوخ ولا كلامه مسمع. لأن عندك الله عز وجل لا يتكلم بصوت، وأن موسى لم يسمع كلام الله عز وجل بسمعه. وإنما خلق الله عز وجل في موسى فهماً فهم به. فلما رأى ما عليه في هذا من الشناعة قال: فلعلي أخالف ابن كلاب القطان في هذه المسألة من سائر مذهبه.

ثم قلت له: ومن خالف الأخبار التي نقلها العدل عن العدل موصولة بلا قطع في سندها ولا جرح في ناقليها، وتجرأ على ردها، فقد تهجم على رد الإسلام لأن الإسلام وأحكامه منقولة إلينا بمثل ما ذكرت.

فقال لي: الأخبار لا توجب عندي علما. فقلت له: يلزمك على قود مقالتك: أنك لو سمعت أبا بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعداً وسعيداً وعبد الرحمن بن عوف وأبا عبيدة بن الجراح يقولون: سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول كذا وكذا أنك لا تعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من ذلك شيئاً، لقولهم سمعنا فلم ينكر من ذلك شيئاً غير الشناعة.

ثم قال لي: أخبار الآحاد في الصفات اغسلها، وهي عندي والتراب سواء، ولا أقول منها إلا بما قام في العقل تصديقه. قلت له: فلم أتعبت نفسك في كتبها وسعيت إلى الشيوخ فيها، وأنصبت نفسك وأتعبتها،

<<  <  ج: ص:  >  >>