للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْطَانِ} (١)، فعلى هذا كل مخاطبة كانت منه لهم فيما أمر ونهى وأباح وحظر. وكان اسم الإيمان واقعاً بالإقرار الأول إذا لم يكن هناك فرض غيره، فلما نزلت الشرائع بعد هذا وجب عليهم التزام فرضها والمسارعة إليها كوجوب الأول سواء، لا فرق بينهما، لأنهما جميعاً من عند الله وبأمره وإيجابه. ولقد فرضت الصلاة عليهم بمكة فصلوا نحو بيت المقدس، فلما هاجروا إلى المدينة أقاموا بها يصلون نحوه ثمانية عشر شهراً، ثم حولت القبلة نحو الكعبة فلو لم يصلوا نحو الكعبة كما أمروا لما أغنى عنهم الإقرار الأول ولا الإيمان المتقدم.

ولقد بلغ بهم الإشفاق في الطاعة والمسارعة إليها أن خافوا على من مات وهو يصلي نحو بيت المقدس قبل تحويل القبلة حتى قال قائلهم: يا رسول الله فكيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون نحو بيت المقدس؟ فأنزل الله عز وجل قرآناً أزال عنهم ذلك الإشفاق، وأعلمهم به أيضاً أن الصلاة إيمان. فقال عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِن اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٤٣)} (٢).

حدثنا أبو شيبة عبد العزيز بن جعفر الخوارزمي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الواسطي، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: «لما توجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الكعبة قالوا: يا رسول الله فكيف بإخواننا الذين ماتوا يصلون إلى بيت


(١) المائدة الآية (٩٠).
(٢) البقرة الآية (١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>