للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التصديق، هو الذي أخبر أن الإيمان ذو شعب؛ فمن لم يسم الأعمال شعبا من الإيمان كما سماها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويجعل له أصلا وشعبا كما جعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما ضرب الله المثل به كان مخالفا له، وليس لأحد أن يفرق بين صفات النبي - صلى الله عليه وسلم - للإيمان فيؤمن ببعضها ويكفر ببعضها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سأله جبريل عليه السلام عن الإيمان بدأ بالشهادة، وقال لوفد عبد قيس: «أتدرون ما الإيمان؟» فبدأ بالشهادة -وهي الكلمة- أصل الإيمان، والشاهد بلا إله إلا الله هو المصدق المقر بقلبه يشهد بها لله بقلبه ولسانه، يبتدئ بشهادة قلبه والإقرار به، ثم يثني بالشهادة بلسانه والإقرار به بنية صادقة يرجع بها إلى قلب مخلص، فذلك المؤمن المسلم ليس كما شهد به المنافقون إذ قالوا: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} (١)

قال الله: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١)} فلم يكذب قولهم، ولكن كذبهم من قلوبهم فقال: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} كما قالوا، ثم قال: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١)} فكذبهم؛ لأنهم قالوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم. فالإسلام الحقيقي ما تقدم وصفه؛ وهو الإيمان والإسلام الذي احتجز به المنافقون من القتل والسبي هو الاستسلام، وبالله التوفيق. اهـ (٢)


(١) المنافقون الآية (١) ..
(٢) (١/ ٣٥٠ - ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>