للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعهد إلينا فقال: «قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة ضلالة». (١)

وروى عبد الله بن مسعود قال: خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطا ثم خط خطوطا يمينا وشمالا ثم قال: «هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه -ثم قرأ- {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (٢)».اهـ (٣)

وعن ابن مسعود قال: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم.

فلم نجد في كتاب الله وسنة رسوله وآثار صحابته إلا الحث على الاتباع وذم التكلف والاختراع. فمن اقتصر على هذه الآثار كان من المتبعين وكان أولاهم بهذا الاسم، وأحقهم بهذا الوسم، وأخصهم بهذا الرسم "أصحاب الحديث" لاختصاصهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واتباعهم لقوله وطول ملازمتهم له، وتحملهم علمه، وحفظهم أنفاسه وأفعاله، فأخذوا الإسلام عنه مباشرة، وشرايعه مشاهدة، وأحكامه معاينة من غير واسطة ولا سفير بينهم وبينه واصله. فجاولوها عيانا، وحفظوا عنه شفاها وتلقفوه


(١) أخرجه: أحمد (٤/ ١٢٦) وأبو داود (٥/ ١٣ - ١٥/ ٤٦٠٧) والترمذي (٥/ ٤٣/٢٦٧٦) وقال: "حسن صحيح". وابن ماجه (١/ ١٦/٤٣) والحاكم (١/ ٩٥ - ٩٦) وقال: "صحيح ليس له علة ". ووافقه الذهبي.
(٢) الأنعام الآية (١٥٣).
(٣) تقدم تخريجه ضمن مواقف الإمام مالك سنة (١٧٩هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>