للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لشيء من الممكنات سواه، فإن إخوانه من الفلاسفة من أبعد الناس عن هذا التوحيد، إذ فيهم من الإشراك بالله تعالى، وعبادة ما سواه، وإضافة التأثيرات إلى غيره، بل ما هو معلوم لكل من عرف حالهم، ولازم قولهم إخراج الحوادث كلها عن فعله. وإنما مقصوده التوحيد الذي يذكره في كتبه: وهو نفي الصفات، وهو الذي شارك فيه المعتزلة وسموه أيضا توحيدا. وهذا النفي الذي سموه توحيدا، لم ينزل به كتاب، ولا بعث به رسول، ولا كان عليه أحد من سلف الأمة وأئمتها، بل هو مخالف لصريح المعقول، مع مخالفته لصحيح المنقول. (١)

- وقال: وحدثني غير مرة رجل، وكان من أهل الفضل والذكاء والمعرفة والدين، أنه كان قد قرأ على شخص سماه لي، وهو من أكابر أهل الكلام والنظر، دروسا من 'المحصل' لابن الخطيب، وأشياء من 'إشارات' ابن سينا. قال: فرأيت حالي قد تغير. وكان له نور وهدى، ورؤيت له منامات سيئة، فرآه صاحب النسخة بحال سيئة، فقص عليه الرؤيا، فقال: هي من كتابك. و'إشارات' ابن سينا يعرف جمهور المسلمين الذين يعرفون دين الإسلام أن فيها إلحادا كثيرا، بخلاف 'المحصل' يظن كثير من الناس أن فيه بحوثا تحصل المقصود. قال فكتبت عليه:

محصل في أصول الدين حاصله ... من بعد تحصيله أصل بلا دين

أصل الضلالات والشك المبين فما ... فيه فأكثره وحي الشياطين


(١) درء التعارض (٨/ ٢٤٦ - ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>