للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن كل ذلك مما يصير المؤمن مؤمنا.

فإن قيل: ذكر الصلاة والزكاة والأمر بالمعروف من شرائع الإيمان يعني من أحكامه الواجب فعلها فيه لا أنها من نفس الإيمان أو نحمل ذلك على أنه سماه إيمانا على طريق المجاز أو نحمل ذلك على أنها من الإيمان يعني دالة عليه لأنه يستدل بها على تصديقه.

قيل: أما قولك إنها من شرائعه فإن أردت به أنها من واجباته فهو معنى قولنا إنها من الإيمان وأنه بوجودها يكمل إيمانه وبعدمها ينقص، فيحصل الخلاف بيننا في عبارة يبين هذا أن شرائع الشيء منه ولهذا يقال شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - وشريعة موسى عليه السلام وذلك عبارة عن جميع أوامره ونواهيه.

وأما قولهم إنا نحمله على أنه دال على الإيمان فلا يصح لأن هذه الأفعال توجد من الكافر ولا تدل على إيمانه.

وأما حمله على المجاز فالأصل في كلام الله تعالى الحقيقة والمجاز يحتاج إلى دليل ولأنه قال في بعضها: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}، وهذا تأكيد بوصفه الإيمان بذلك.

ويدل عليه أيضا ما روي بالأسانيد الصحاح ما يدل على ذلك فروى أحمد بإسناده في كتاب الإيمان عن النعمان بن مرة أن رجلا ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بحياء فقال: «إن الإيمان ذو شعب وإن الحياء شعبة من الإيمان». (١)

وروى أيضا بإسناده عن ابن عباس قال: إن وفد عبد القيس لما قدموا


(١) تقدم تخريجه ضمن مواقف أبي إسحاق الفزاري سنة (١٨٦هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>