للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفس، فأتيا لمتونة، فأخذ جوهر بزمام جمل ابن ياسين تعظيما له، فأقبلت المشيخة يهنئونه بالسلامة، وقالوا: من ذا؟ قال: حامل السنة. فأكرموه، وفيهم أبو بكر بن عمر، فذكر لهم قواعد الإسلام، وفهمهم، فقالوا: أما الصلاة والزكاة فقريب، وأما من قتل يقتل، ومن سرق يقطع، ومن زنى يجلد، فلا نلتزمه، فاذهب، فأخذ جوهر بزمام راحلته، ومضيا. وفي تلك الصحاري المتصلة بإقليم السودان قبائل ينسبون إلى حمير، ويذكرون أن أجدادهم خرجوا من اليمن زمن الصديق، فأتوا مصر، ثم غزوا المغرب مع موسى بن نصير، ثم أحبوا الصحراء وهم: لمتونة، وجدالة، ولمطة، وإينيصر، ومسوفة. قال: فانتهيا إلى جدالة، قبيلة جوهر، فاستجاب بعضهم، فقال ابن ياسين للذين أطاعوه: قد وجب عليكم أن تقاتلوا هؤلاء الجاحدين، وقد تحزبوا لكم، فانصبوا راية وأميرا. قال جوهر: فأنت أميرنا. قال: لا، أنا حامل أمانة الشرع، بل أنت الأمير.

قال: لو فعلت لتسلطت قبيلتي، وعاثوا، قال: فهذا أبو بكر بن عمر رأس لمتونة، فسر إليه، واعرض عليه الأمر، إلى أن قال: فبايعوا أبا بكر، ولقبوه: أمير المسلمين، وقام معه طائفة من قومه وطائفة من جدالة، وحرضهم ابن ياسين على الجهاد، وسماهم المرابطين، فثارت عليهم القبائل، فاستمالهم أبو بكر وكثر جمعه، وبقي أشرار، فتحيلوا عليهم حتى زربوهم في مكان، وحصروهم، فهلكوا جوعا، وضعفوا، فقتلوهم، واستفحل أمر أبي بكر بن عمر، ودانت له الصحراء، ونشأ حول ابن ياسين جماعة فقهاء وصلحاء، وظهر الإسلام هناك. وأما جوهر، فلزم الخير والتعبد، ورأى أنه لا وضع له، فتألم، وشرع في إفساد الكبار، فعقدوا له مجلسا، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>