للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موقفه من المبتدعة:]

- جاء في التمهيد: مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب، أو ورق بأكثر من وزنها، فقال له أبو الدرداء: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن مثل هذا، إلا مثلا بمثل، فقال له معاوية: ما أرى بهذا بأسا، فقال أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية؟ أنا أخبره عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويخبرني عن رأيه لا أساكنك أرضا أنت بها، ثم قدم أبو الدرداء على عمر فذكر ذلك له، فكتب عمر إلى معاوية أن لا يبيع ذلك إلا مثلا بمثل، وزنا بوزن. (١)

ثم ساق أبو عمر بسنده أن عبادة أنكر على معاوية شيئا فقال: لا أساكنك بأرض أنت بها ورحل إلى المدينة فقال له عمر: ما أقدمك؟ فأخبره فقال: ارجع إلى مكانك فقبح الله أرضا لست فيها ولا أمثالك، وكتب إلى معاوية: لا إمارة لك عليه.

قال أبو عمر: فقول عبادة: لا أساكنك بأرض أنت بها، وقول أبي الدرداء، على ما في حديث زيد بن أسلم يحتمل أن يكون القائل ذلك قد خاف على نفسه الفتنة لبقائه بأرض ينفذ فيها في العلم قول خلاف الحق عنده، وربما كان ذلك منه أنفة لمجاورة من رد عليه سنة علمها من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأيه، وقد تضيق صدور العلماء عند مثل هذا، وهو عندهم عظيم: رد السنن بالرأي.

وجائز للمرء أن يهجر من خاف الضلال عليه، ولم يسمع منه، ولم


(١) تقدم تخريجه ضمن مواقف أبي الدرداء سنة (٣٢هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>