للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان لا في مكان ثم خلق الأماكن فصار في مكان وفي ذلك إقرار منا بالتغيير والانتقال، إذ زال عن صفته في الأزل وصار في مكان دون مكان، قيل له: وكذلك زعمت أنت أنه كان لا في مكان وانتقل إلى صفة هي الكون في كل مكان، فقد تغير عندك معبودك وانتقل من لا مكان إلى كل مكان، وهذا لا ينفك منه لأنه إن زعم أنه في الأزل في كل مكان كما هو الآن فقد أوجب الأماكن والأشياء موجودة معه في أزله وهذا فاسد. فإن قيل: فهل يجوز عندك أن ينتقل من لا مكان في الأزل إلى مكان؟ قيل له: أما الانتقال وتغير الحال فلا سبيل إلى إطلاق ذلك عليه لأن كونه في الأزل لا يوجب مكانا وكذلك نقله لا يوجب مكانا، وليس في ذلك كالخلق لأن كون ما كونه يوجب مكانا من الخلق ونقلته توجب مكانا، ويصير منتقلا من مكان إلى مكان والله عز وجل ليس كذلك لأنه في الأزل غير كائن في مكان وكذلك نقلته لا توجب مكانا وهذا ما لا تقدر العقول على دفعه ولكنا نقول: استوى من لا مكان إلى مكان ولا نقول انتقل وإن كان المعنى في ذلك واحدا.

ألا ترى أنا نقول: له عرش ولا نقول له سرير ومعناهما واحد: ونقول: هو الحكيم ولا نقول: هو العاقل ونقول: خليل إبراهيم ولا نقول: صديق إبراهيم وإن كان المعنى في ذلك كله واحدا لا نسميه ولا نصفه ولا نطلق عليه إلا ما سمى به نفسه على ما تقدم ذكرنا له من وصفه لنفسه لا شريك له، ولا ندفع ما وصف به نفسه لأنه دفع للقرآن وقد قال الله عز

<<  <  ج: ص:  >  >>