للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجتهدوا في رد الهوى وخداع الشيطان لانشرحت صدورهم، وظهر لهم من برد اليقين وروح المعرفة، وضياء التسليم ما ظهر لسلفهم، وبرز لهم من أعلام الحق ما كان مكشوفا لهم غير أن الحق عزيز، والدين غريب والزمان مفتن {ومن لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠)} (١).اهـ (٢)

ثم قال: والذي يزيد ما قلناه إيضاحا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سئل عن الفرقة الناجية. قال: «ما أنا عليه وأصحابي» (٣)، بمعنى من كان على ما أنا عليه وأصحابي، فلا بد من تعرف ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وليس طريق معرفتنا إلا النقل، فيجب الرجوع إلى ذلك. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تنازعوا الأمر أهله» (٤) فكما يرجع في معرفة مذاهب الفقهاء، الذين صاروا قدوة في هذه الأمة إلى أهل الفقه، ويرجع في معرفة اللغة إلى أهل اللغة، ويرجع في معرفة النحو إلى أهل النحو، فكذلك يجب أن يرجع في معرفة ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى أهل النقل والرواية، لأنهم عنوا بهذا الشأن، واشتغلوا بحفظه والتفحص عنه ونقله، ولولاهم لاندرس علم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يقف أحد على سنته وطريقته. فإن قال قائل: إن أهل الفقه مجمعون على قول الفقهاء وطريق كل واحد منهم في الفروع. وأهل النحو مجمعون على طريق البصريين والكوفيين في النحو وكذلك أهل الكلام مجمعون على


(١) النور الآية (٤٠).
(٢) صون المنطق (١٥٣ - ١٥٧).
(٣) تقدم تخريجه ضمن مواقف الآجري سنة (٣٦٠هـ).
(٤) الطبراني (١٨/ ٢٤٧ - ٢٤٨/ ٦٢١) والطحاوي في المشكل (٣/ ٢٢١ - ٢٢٢/ ١١٨٥) والحاكم (١/ ٩٦) من حديث العرباض بن سارية وقال: "صحيح على شرطهما، ولا أعرف له علة" ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>