للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدع إلى الاستدلال بما تمسكوا به من الجوهر والعرض، ولا يوجد عنه ولا عن أحد من أصحابه من ذلك حرف واحد فما فوقه، فعرف بذلك أنهم ذهبوا خلاف مذهبهم، وسلكوا غير سبيلهم، بطريق محدث مخترع لم يكن عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه رضي الله عنهم، ويلزم من سلوكه العود على السلف بالطعن والقدح، ونسبتهم إلى قلة المعرفة، واشتباه الطرق، فالحذر من الاشتغال بكلامهم، والاكتراث بمقالاتهم فإنها سريعة التهافت كثيرة التناقض، وما من كلام تسمعه لفرقة منهم إلا وتجد لخصومهم عليه كلاما يوازنه أو يقاربه فكل بكل مقابل، وبعض ببعض معارض، وحسبك من قبيح ما يلزم من طريقتهم أنا إذا جرينا على ما قالوه، وألزمنا الناس بما ذكروه، لزم من ذلك تكفير العوام جميعا لأنهم لا يعرفون إلا الاتباع المجرد، ولو عرض عليهم هذا الطريق ما فهمه أكثرهم، فضلا عن أن يصير منهم صاحب نظر، وإنما غاية توحيدهم التزام ما وجدوا عليه أئمتهم في عقائد الدين، والعض عليها بالنواجذ والمواظبة على وظائف العبادات وملازمة الأذكار بقلوب سليمة طاهرة عن الشبه والشكوك، فتراهم لا يحيدون عما اعتقدوه ولو قطعوا إربا إربا، فهنيئا لهم هذا اليقين، وطوبى لهم هذه السلامة.

فإذا كفر هؤلاء وهم السواد الأعظم وجمهور الأمة فما هذا إلا طي بساط الإسلام وهدم منار الدين والله المستعان. (١)

التعليق:


(١) الفتح (١٣/ ٥٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>