للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها: قال عبد الواحد المراكشي: وكان جل ما يدعو إليه الاعتقاد على رأي الأشعري، وكان أهل الغرب ينافرون هذه العلوم، فجمع متولي فاس الفقهاء، وناظروه، فظهر، ووجد جوا خاليا، وقوما لا يدرون الكلام، فأشاروا على الأمير بإخراجه، فسار إلى مراكش، فبعثوا بخبره إلى ابن تاشفين، فجمع له الفقهاء، فناظره ابن وهيب الفيلسوف، فاستشعر ذكاءه وقوة نفسه، فأشار على ابن تاشفين بقتله، وقال: إن وقع إلى المصامدة، قوي شره، فخاف الله فيه، فقال: فاحبسه، قال: كيف أحبس مسلما لم يتعين لنا عليه حق؟ بل يسافر، فذهب ونزل بتينمل، ومنه ظهر، وبه دفن، فبث في المصامدة العلم، ودعاهم إلى الأمر بالمعروف، واستمالهم، وأخذ يشوق إلى المهدي، ويروي أحاديث فيه، فلما توثق منهم قال: أنا هو، وأنا محمد بن عبد الله، وساق نسبا له إلى علي، فبايعوه، وألف لهم كتاب 'أعز ما يطلب'، ووافق المعتزلة في شيء، والأشعرية في شيء، وكان فيه تشيع، ورتب أصحابه، فمنهم العشرة، فهم أول من لباه، ثم الخمسين، وكان يسميهم المؤمنين، ويقول: ما في الأرض من يؤمن إيمانكم، وأنتم العصابة الذين عنى النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «لا يزال أهل الغرب ظاهرين» (١)

وأنتم تفتحون الروم، وتقتلون الدجال، ومنكم الذي يؤم بعيسى، وحدثهم بجزئيات اتفق وقوع أكثرها، فعظمت فتنة القوم به حتى قتلوا أبناءهم وإخوتهم لقسوتهم وغلظ طباعهم، وإقدامهم على الدماء، فبعث جيشا، وقال: اقصدوا هؤلاء المارقين المبدلين الدين، فادعوهم إلى إماتة المنكر وإزالة البدع، والإقرار بالمهدي


(١) مسلم (٣/ ١٥٢٥/١٩٢٥) من حديث سعد أبي وقاص ..

<<  <  ج: ص:  >  >>