للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ثم قال رحمه الله: إذا تقرر ما ذكرنا أن القرآن غير مخلوق، وأن القرآن عند أصحاب الحديث هو الكتاب الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو القرآن العربي، السور والآيات المتلو باللسان والمسموع بالآذان المعقول بالأذهان المحفوظ في الصدور المكتوب بالمصاحف بالسطور له أول وآخر وبعض، فمن قال بخلقه فهو كافر كفرا يخرجه عن الملة، لما تقدم ذكره في الفصل قبل هذا، وقد وافقنا الأشعرية على أن القرآن غير مخلوق، ومن قال بخلقه فهو كافر، وردوا على قولة المعتزلة والقدرية إنه مخلوق.

إلا أن الأشعرية قالوا: كلام الله الحقيقي هو معنى قائم في نفسه لا يفارقه، لا يدخل كلامه النظم والتأليف والتعاقب، ولا يكون بحرف وصوت ولا يتكلم الله بالعربية ولا بغيرها من اللغات، وليس له أول ولا آخر ولا بعض، بل هو شيء واحد لم ينزله الله على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولا على أحد من الأنبياء، ولا يتلى ولا يكتب، ولم يسمعه أحد إلا موسى عليه السلام، وهذه السور والآيات عبارة وحكاية عن كلام الله وتسمى قرآنا، وكذلك التوراة عبارة عن كلام الله بلغة موسى وقومه، والإنجيل عبارة عن كلام الله بلغة عيسى وقومه. فادعوا أن كلام الله غير القرآن وأن القرآن غير كلام الله. فقولهم إن القرآن غير مخلوق تلاعب وخلف من الكلام. (١)

- ثم تحدث عن مسألة الاستواء فقال: عند أصحاب الحديث والسنة أن الله سبحانه بذاته، بائن عن خلقه، على العرش استوى فوق السموات، غير مماس له، وعلمه محيط بالأشياء كلها.


(١) الانتصار في الرد على المعتزلة (٢/ ٥٥٤ - ٥٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>