للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابتدع شيء لا يخالف الشريعة ولا يوجب التعاطي عليها؛ فقد كان جمهور السلف يكرهونه، وكانوا ينفرون من كل مبتدع وإن كان جائزا، حفظا للأصل وهو الاتباع. (١)

- وقال رحمه الله: قد بينا أن القوم كانوا يتحذرون من كل بدعة وإن لم يكن بها بأس لئلا يحدثوا ما لم يكن. وقد جرت محدثات لا تصادم الشريعة ولا يتعاطى عليها، فلم يروا بفعلها بأسا، كما روي أن الناس كانوا يصلون في رمضان وحدانا، وكان الرجل يصلي فيصلي بصلاته الجماعة، فجمعهم عمر بن الخطاب على أبي بن كعب رضي الله عنه، فلما خرج فرآهم قال: نعمت البدعة هذه، لأن صلاة الجماعة مشروعة. وإنما قال الحسن في القصص: نعمت البدعة، كم من أخ يستفاد، ودعوة مستجابة؛ لأن الوعظ مشروع، ومتى أسند المحدث إلى أصل مشروع لم يذم.

فأما إذا كانت البدعة كالمتمم فقد اعتقد نقص الشريعة، وإن كانت مضادة فهي أعظم.

فقد بان بما ذكرنا أن أهل السنة هم المتبعون، وأن أهل البدعة هم المظهرون شيئا لم يكن قبل ولا مستند له، ولهذا استتروا ببدعتهم، ولم يكتم أهل السنة مذهبهم، فكلمتهم ظاهرة ومذهبهم مشهور والعاقبة لهم. (٢)

- وبالسند إلى محمد بن الفضل العباسي قال: كنا عند عبد الرحمن بن أبي حاتم، وهو يقرأ علينا كتاب الجرح والتعديل، فقال: أظهر أحوال أهل


(١) تلبيس إبليس (٢٤ - ٢٥).
(٢) تلبيس إبليس (٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>