للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدلهين حيارى قد تكنفنا ... جهل يجهمنا في وجهه عبس

فالفعل فيه بلا ريب ولا عمل ... والقول فيه كلام كله هوس

ولما كانت الفلاسفة قريباً من زمان شريعتنا، والرهبنة كذلك، مدّ بعض أهل ملتنا يده إلى التمسك بهذه وبعضهم مدّ يده إلى التمسك بهذه، فترى كثيراً من الحمقى إذا نظروا في باب الاعتقاد تفلسفوا، وإذا نظروا في باب التزهد ترهبنوا، فنسأل الله ثباتاً على ملتنا وسلامة من عدونا، إنه ولي الإجابة. (١)

- وقال: قد لبس على خلق كثير فجحدوا البعث، واستهولوا الإعادة بعد البلاء، وأقام لهم شبهتين:

إحداهما: أنه أراهم ضعف المادة.

والثانية: اختلاط الأجزاء المتفرقة في أعماق الأرض. قالوا: وقد يأكل الحيوان الحيوان فكيف يتهيأ إعادته؟ وقد حكى القرآن شبهتهم فقال تعالى في الأولى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (٣٦)} (٢). وقال في الثانية: {أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} (٣). وهذا كان مذهب أكثر الجاهلية، قال قائلهم:


(١) تلبيس إبليس (ص.٦٣ - ٦٥).
(٢) المؤمنون الآيتان (٣٥و٣٦).
(٣) السجدة الآية (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>