للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عز وجل ولم يرد هذه المعروفات. وهذا من جنس كلام الباطنية. وقال في كتابه المفصح بالأحوال: إن الصوفية في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتاً ويقتبسون منهم فوائد ثم يترقى الحال من مشاهدة الصورة إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق.

قال المصنف: وكان السبب في تصنيف هؤلاء مثل هذه الأشياء قلة علمهم بالسنن والإسلام والآثار، وإقبالهم على ما استحسنوه من طريقة القوم. وإنما استحسنوها لأنه قد ثبت في النفوس مدح الزهد، وما رأوا حالة أحسن من حالة هؤلاء القوم في الصورة، ولا كلاماً أرق من كلامهم، وفي سير السلف نوع خشونة. ثم إن ميل الناس إلى هؤلاء القوم شديد لما ذكرنا من أنها طريقة ظاهرها النظافة والتعبد وفي ضمنها الراحة والسماع، والطباع تميل إليها. وقد كان أوائل الصوفية ينفرون من السلاطين والأمراء فصاروا أصدقاء. (١)

- وقال أيضاً: تأملت أحوال الصوفية والزهاد، فرأيت أكثرها منحرفاً عن الشريعة؛ بين جهل بالشرع، وابتداع بالرأي؛ يستدلون بآيات لا يفهمون معناها، وبأحاديث لها أسباب، وجمهورها لا يثبت.

فمن ذلك أنهم سمعوا في القرآن العزيز: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (١٨٥)} (٢)، {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ} (٣)، ثم سمعوا في


(١) تلبيس إبليس (ص.٢٠١ - ٢٠٦).
(٢) آل عمران الآية (١٨٥).
(٣) الحديد الآية (٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>