للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأى صخرة، ففرش له في ظلها.

وقد نُقل عن قدماء هذه الأمة بدايات هذا التفريط، وكان سببه من وجهين: أحدهما: الجهل بالعلم. والثاني: قرب العهد بالرهبانية. وقد كان الحسن يعيب فرقداً السبخي ومالك بن دينار في زهدهما، فرُئِي عنده طعام فيه لحم، فقال: لا رغيفَيْ مالك، ولا صَحْنَيْ فرقد.

ورأى على فرقد كساء، فقال: يا فرقد! إن أكثر أهل النار أصحاب الأكسية.

وكم قد زوّق قاصّ مجلسه بذكر أقوام خرجوا إلى السياحة بلا زاد ولا ماء، وهو لا يعلم أن هذا من أقبح الأفعال، وأن الله تعالى لا يجرب عليه؛ فربما سمعه جاهل من التائبين، فخرج، فمات في الطريق، فصار للقائل نصيب من إثمه!!

وكم يروون عن ذي النون: أنه لقي امرأة في السياحة، فكلمها وكلمته، وينسون الأحاديث الصحاح: «لا يحلّ لامرأة أن تسافر يوماً وليلةً إلا بمحرم» (١)!!

وكم ينقلون أن أقواماً مشوا على الماء؛ وقد قال إبراهيم الحربيّ: لا يصحّ أنّ أحداً مشى على الماء قطً! فإذا سمعوا هذا؛ قالوا: أتُنكرون كرامات الأولياء الصالحين؟! فنقول: لسنا من المنكرين لها، بل نتّبع ما صحّ،


(١) رواه: أحمد (٢/ ٢٣٦) والبخاري (٢/ ٧٢٠/١٠٨٨) ومسلم (٢/ ٩٧٧/١٣٣٩ [٤٢١]) وأبو داود (٢/ ٣٤٧/١٧٢٤) والترمذي (٣/ ٤٧٣/١١٧٠) عن أبي هريرة رضي الله عنه. وفي الباب عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما رضي الله عنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>