للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالظاهر غرقه. (١)

- وقال: ثم نظر إبليس، فرأى في المسلمين قوماً فيهم فطنة، فأراهم أن الوقوف على ظواهر الشريعة حالة يشاركهم فيها العوامّ، فحسّن لهم علوم الكلام، وصاروا يحتجّون بقول بقراط وجالينوس وفيثاغورس!! وهؤلاء ليسوا بمتشرِّعين، ولا تبعوا نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وإنما قالوا بمقتضى ما سوّلت لهم أنفسهم.

وقد كان السلف إذا نشأ لأحدهم ولد؛ شغلوه بحفظ القرآن وسماع الحديث، فيثبت الإيمان في قلبه؛ فقد توانى الناس عن هذا، فصار الولد الفطن يتشاغل بعلوم الأوائل، وينبذ أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويقول: أخبار آحادٍ! وأصحاب الحديث عندهم يسمّون: حشويّة!!

ويعتقد هؤلاء أن العلم الدقيق علم الطفرة والهيولى والجزء الذي لا يتجزّأ ... ثم يتصاعدون إلى الكلام في صفات الخالق، فيدفعون ما صحّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بواقعاتهم:

فيقول المعتزلة: إن الله لا يُرى؛ لأن المرئيّ يكون في جهة! ويخالفون قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم ترون ربكم كما ترون القمر لا تُضامون في رؤيته»؛ فأوجب هذا الحديث إيثار رؤيته وإن عجزنا عن فهم كيفيّتها.

وقد عُزِلَ هؤلاء الأغبياء عن التشاغل بالقرآن، وقالوا: مخلوقٌ! فزالت حُرمته من القلوب. وعن السنة، وقالوا: أخبارُ آحادٍ! وإنما مذاهبهم السّرقة من بقراط وجالينوس.


(١) صيد الخاطر (ص.٥٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>