للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخليقة، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد. وقال: لا يجاوز إيمانهم حناجرهم.

وأكثر الفقهاء على أنهم بغاة، ولا يرون تكفيرهم. قال ابن المنذر: لا أعلم أحدا وافق أهل الحديث على تكفيرهم وجعلهم كالمرتدين. وقال ابن عبد البر: في الحديث الذي رَوَيناه: قوله: يتمارى في الفوق. يدل على أنه لم يكفرهم؛ لأنهم علقوا من الإسلام بشيء، بحيث يشك في خروجهم منه. (١)

وروي عن علي أنه لما قاتل أهل النهر قال لأصحابه: لا تبدؤوهم بالقتال. وبعث إليهم: أقيدونا بعبد الله بن خباب. قالوا: كلنا قتله. فحينئذ استحل قتالهم لإقرارهم على أنفسهم بما يوجب قتلهم. وذكر ابن عبد البر: عن علي رضي الله عنه، أنه سئل عن أهل النهر أكفارهم؟ قال: من الكفر فروا. قيل: فمنافقون؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا. قيل: فما هم؟ قال: هم قوم أصابتهم فتنة، فعموا فيها وصموا، وبغوا علينا، (وحاربونا) (٢) وقاتلونا فقاتلناهم (٣). ولما جرحه ابن ملجم، قال للحسن: أحسنوا إساره، فإن عشت فأنا ولي دمي، وإن مت فضربة كضربتي. وهذا رأي عمر بن عبد العزيز فيهم، وكثير من العلماء. والصحيح إن شاء الله، أن الخوارج يجوز قتلهم ابتداء، والإجازة على جريحهم، لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتلهم، ووعده بالثواب من قتلهم، فإن عليا رضي الله عنه قال: لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ ولأن بدعتهم وسوء فعلهم يقتضي حل دمائهم، بدليل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من عظم ذنبهم، وأنهم شر


(١) انظر فتح البر (١/ ٤٦١).
(٢) زيادة من التمهيد.
(٣) انظر فتح البر (١/ ٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>