للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغفير، ومشايخنا على مشايخهم، وهكذا إلى العصر الكريم، وتلقينا عنهم كيفية قراءته بالمشافهة، فلو كان التلحين فيه مشروعاً لتعلموه من مشايخهم، ولنقلوه عنهم، كما نقلوا عنهم المد والقصر وما بين اللفظين والإمالة والفتح والإدغام والإظهار، وكيفية إخراج الحروف على مخارجها، فإنه لما نقله الخلف عن السلف وعلموا عليه اتصل ذلك لنا وتلقناه عنهم، وهذا جاء مع توفر الدواعي على النقل وكثرة المتعمقين من القراء الغالين في كيفية قراءته، ومع ذلك فلم ينقل عن أحد من القراء المشاهير ولا عن الرواة عنهم شيء من ذلك، فدل ذلك على أن تلحين القرآن ما كان معروفاً عندهم، ولا معمولاً به فيما بينهم، فوجب ألا يعمل به، ولا يعرج عليه، فإنه أمر محدث، «وكل محدث بدعة، وكل بدعة ضلالة» (١)، كما قاله - صلى الله عليه وسلم -. (٢)

- وقال في رده لشبهة النظر إلى المعنى، وهو أنه قراءته بالألحان ينشط السامع، وتطيب له القراءة فينتفي عنه الملل ... قال: إنا لا نسلم أن كل ما استخرج خشوعاً ورقّةً وبكاءً يكون مندوباً إليه ولا مباحاً، فإن ذلك ينتقض بالأوتار وبعض المزامير، والندب في النياحة فإنها تستخرج كل ذلك، وهي محرمة.

سلمنا ذلك، لكنها تجر أيضاً إلى أمور ممنوعة كما سيأتي، وإذا أمكن أن يحصل منها مصلحة ومفسدة، وليست إحداهما راجحة منع الكل اتقاءً للمفسدة، وترجيحاً لجانبها فينبغي أن لا يكون التطريب بالقرآن مشروعاً.


(١) تقدم تخريجه في مواقف القاسم بن محمد سنة (١٠٦هـ).
(٢) كشف القناع (ص.١١٣ - ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>