للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمنا أن كل ما ذكروه من الاستدلال بالنوعين صحيح، لكنهما إنما يفيدان غلبة الظن فإنها ظواهر وقياس، غير أنهما في مقابلة المتواتر المقطوع به، وهو مما قدمناه من أن كيفية القراءة المتواترة ليس فيها تلحين ولا تطريب، فلا يكون ذلك مشروعاً، فإنها زيادة على القدر المتواتر إذ لم يقرأ بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا على من نقل القرآن عنه فيكون مقطوعاً بنفيها، وبهذه الطريق قطعنا بنفي صلاة سادسة، وبنفي ركعة رابعة في المغرب، إذ قد نقل كل ذلك بالعمل المتواتر، فليلزم نفي غيره، والله أعلم.

وأما الوجه الثاني: من الوجهين السابقين، فهو أن قراءة القرآن بألحان الشعر تؤدي إلى أمور ممنوعة فيكون ممنوعاً.

أولها: الزيادة والنقصان في القرآن، وذلك أن التلحين لا بد فيه من ترنين وتمطيط، وذلك يقتضي الزيادة في المدات، والحروف ولا بد فيه من تقطيع وتقصير وذلك يقتضي النقصان.

وثانيها: تشبيه القرآن بالغناء الذي هو لهو ولعب وهزل، وقد نزه الله تعالى القرآن عن كل ذلك بقوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤)} (١).

وثالثها: تشبيهه بالشعر، وقد نزهه الله عن الشعر وأحواله بقوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} (٢) وبقوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ


(١) الطارق الآيتان (١٣و١٤).
(٢) الحاقة الآيتان (٤٠و٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>