للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استوى في حقه الليل والنهار، نسأل الله تعالى الوقاية من الخذلان، وكفاية أحوال المبتدعين المجان.

تنبيه: لا يخفى أن هذا السماع الذي وصفناه بجملته لا يختلف في تحريمه وفحشه، لكنا نشرع -إن شاء الله- في بيان أحكام أفراد مسائله على التفصيل، ونذكرها مسألة مسألة، فنبين منها الصحيح من السقيم، والمعوج من المستقيم، والزلال من الآل، والحرام من الحلال، فإنه قد يخالف حكم الجملة حكم الأفراد، ومن الله المعونة والإمداد، والتوفيق إلى الحق والإرشاد. (١)

- وقال: إن الغناء على الصفة التي ذكرناها، يجر إلى ما يجر إليه الخمر من المفاسد فيكون حراماً كالخمر، وإنما قلنا ذلك، لأنه يذهب الحياء والوقار، ويخل بالعقول والفعال وكل ذلك مشاهد لمن يحضره، وذلك أنك ترى الرجل الكبير القدر العظيم المنصب على سمة العقلاء، ووقار الفضلاء وأبهة أهل الدين، وسيماء المتقين، حتى إذا حضره ولابس أهله، زال حياؤه ووقاره، وبدأ تغيره واصفراره، فيبعث بيديه ويجبذ صاحبه ويجره إليه، ويضرب برجليه، ويهز منكبيه، حتى إذا أخذ السماع منه مأخذه وخالطه وأشربه، قام فرقص رقص المجان، وتعاطى حركات المخانيث والنسوان، وربما يصعق ويصيح ويغط، ولا غطيط الذبيح، ويتغشاه غشاوات حتى يظن أنه قد مات، وقد لا يرجع إلى عقله إلا بعد أوقات، وربما ضيع واجبات، أو فرط في صلوات، حتى إذا أفاق من غشيته، وصحا من سكرته، وعاد إلى حياته وهيئته، وذكر له ما كان منه في تلك الحال خجل من ذلك، ولا خجلة من


(١) كشف القناع عن حكم الوجد والسماع (ص.٤٤ - ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>