للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وقال في الوجد والتواجد: التواجد: استدعاء الوجد لضرب من الاختيار، وذلك أنهم إذا اجتمعوا للسماع فمنهم المتكلف حركة ظاهرة مستجلباً بذلك حضور باطنه فيميل يميناً وشمالاً، ويترنح يميناً وشمالاً ويحرك رأسه ومنكبيه، ويضرب صدره، ويصفق بيديه إلى أن يستغرقه -بزعمه- الوجد فيغيب عن الوجد بما يلوح له من المشاهد والشهود، حتى إذا أفاق من غشيته أخذ يخبر بما لاح له في مشاهدته، فمنهم من ينطق بمثل ما منعه الكليم، ومنهم من يصرح بنفس المكالمة والتكليم، ومنهم من يشير إلى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى} (١)، ويرمز إلى {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠)} (٢)، وربما صرح بعضهم بنفي التعداد وقضى بالاتحاد.

قال الشيخ -رحمه الله-: وهذه أفعال مليمة واجتماعات ذميمة، وأحوال صادة عن اعتقادات سقيمة، فما هي إلا أهواء دحيضة وعقول مريضة، ودعوى عريضة ويدلك على ما ذكرناه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتابعين لهم بإحسان لم يكونوا على شيء من تلك الأساليب والطرائق، ولا اقتحموا تلك المهامه والمضايق، ولا نطقوا بتلك العبارات، ولا ارتضوا تلك الإشارات، ولا اجتمعوا لذلك، ولا حوموا على شيء مما هنالك، مع أنهم قدوة العارفين، وخيرة الله من العالمين، الفاهمون عن الله، الآخذون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين اختارهم له لحمل أمانته وبيان شريعته، فلو كان الأمر على


(١) الإسراء الآية (١).
(٢) النجم الآية (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>