للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«خير الناس قرني ثم الذين يلونهم» وقال: «لا تسبّوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً لم يدرك مُدَّ أحدهم ولا نَصيفه». قال أبو عبيد: معناه لم يدرك مدّ أحدهم إذا تصدق به ولا نصف المد؛ فالنصيف هو النصف هنا. وكذلك يقال للعُشْرِ عَشِير، وللخُمس خَميس، وللتسع تَسيع، وللثّمن ثَمين، وللسّبع سَبيع، وللسّدس سَدِيس، وللرّبع رَبيع، ولم تقل العرب للثّلث ثليث ...

والأحاديث بهذا المعنى كثيرة؛ فحذارِ من الوقوع في أحد منهم، كما فعل مَن طعن في الدين فقال: إن المُعوِّذتين ليستا من القرآن، وما صحّ حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تثبيتهما ودخولهما في جملة التنزيل إلا عن عقبة بن عامر، وعقبة بن عامر ضعيف لم يوافقه غيره عليها، فروايته مطّرحة. وهذا ردّ لما ذكرناه من الكتاب والسنة، وإبطالٌ لما نقلته لنا الصحابة من الملة. فإن عقبة بن عامر بن عيسى الجُهَني ممن روى لنا الشريعة في الصحيحين البخاري ومسلم وغيرهما، فهو ممن مدحهم الله ووصفهم وأثنى عليهم ووعدهم مغفرة وأجراً عظيماً. فمن نسبه أو واحداً من الصحابة إلى كذب فهو خارج عن الشريعة، مبطل للقرآن طاعن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومتى ألحِق واحد منهم تكذيباً فقد سُبّ؛ لأنه لا عار ولا عيب بعد الكفر بالله أعظمُ من الكذب، وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سبّ أصحابه؛ فالمكذّب لأصغرهم -ولا صغير فيهم- داخل في لعنة الله التي شهد بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وألزمها كلَّ مَن سبّ واحداً من أصحابه أو طعن عليه.

وعن عمر بن حبيب قال: حضرت مجلس هارون الرشيد فجرت مسألة تنازعها الحضور وعَلَت أصواتهم، فاحتج

<<  <  ج: ص:  >  >>