للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من لم يحكم أصول العلم، ما عليه كثير من الناس من كثير من العادات ونحوها، فيجعل هذا أيضا من الدلائل على حسن بعض البدع: إما بأن يجعل ما اعتاد هو ومن يعرفه إجماعا، وإن لم يعلم قول سائر المسلمين في ذلك، أو يستنكر تركه لما اعتاده بمثابة من {إِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا} (١). وما أكثر ما قد يحتج بعض من يتميز من المنتسبين إلى علم أو عبادة بحجج ليست من أصول العلم التي يعتمد في الدين عليها؛ والغرض: أن هذه النصوص الدالة على ذم البدع معارضة بما دل على حسن بعض البدع إما من الأدلة الشرعية الصحيحة، أو من حجج بعض الناس التي يعتمد عليها بعض الجاهلين، أو المتأولين في الجملة. ثم هؤلاء المعارضون لهم هنا مقامان:

أحدهما: أن يقولوا: إذا ثبت أن بعض البدع حسن وبعضها قبيح، فالقبيح ما نهى عنه الشارع، وما سكت عنه من البدع فليس بقبيح؛ بل قد يكون حسنا، فهذا مما يقوله بعضهم.

المقام الثاني: أن يقال عن بدعة معينة: هذه البدعة حسنة، لأن فيها من المصلحة كيت وكيت. وهؤلاء المعارضون يقولون: ليست كل بدعة ضلالة.

والجواب: أما القول: «إن شر الأمور محدثاتها، وأن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار»، والتحذير من الأمور المحدثات. فهذا نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢)، فلا


(١) المائدة الآية (١٠٤).
(٢) سيأتي تخريجه قريبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>