للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصوص الأنبياء، أو ما بلغهم عنهم، وغلطوا في الفهم أو في تصديق الناقل، كسائر الغالطين ممن يحتج بالسمعيات، فإن غلطه إما في الإسناد وإما في المتن؛ وأما هؤلاء فوضعوا قوانينهم على ما رأوه بعقولهم، وقد غلطوا في الرأي والعقل. فالنصارى أقرب إلى تعظيم الأنبياء والرسل من هؤلاء، لكن النصارى يشبههم من ابتدع بدعة بفهمه الفاسد من النصوص، أو بتصديقه النقل الكاذب عن الرسول، كالخوارج والوعيدية والمرجئة والإمامية وغيرهم، بخلاف بدعة الجهمية والفلاسفة، فإنها مبنية على ما يقرون هم بأنه مخالف للمعروف من كلام الأنبياء، وأولئك يظنون أن ما ابتدعوه هو المعروف من كلام الأنبياء؛ وأنه صحيح عندهم. (١)

- وقال: بل نقول قولا عاما كليا: إن النصوص الثابتة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يعارضها قط صريح معقول، فضلا عن أن يكون مقدما عليها، وإنما الذي يعارضها شبه وخيالات، مبناها على معان متشابهة، وألفاظ مجملة، فمتى وقع الاستفسار والبيان ظهر أن ما عارضها شبه سوفسطائية، لا براهين عقلية. (٢)

- وقال: وأما الفلاسفة فلا يجمعهم جامع، بل هم أعظم اختلافا من جميع طوائف المسلمين واليهود والنصارى. والفلسفة التي ذهب إليها الفارابي وابن سينا إنما هي فلسفة المشائين أتباع أرسطو صاحب التعاليم، وبينه وبين سلفه من النزاع والاختلاف ما يطول وصفه، ثم بين أتباعه من الخلاف ما يطول وصفه. وأما سائر طوائف الفلاسفة، فلو حكي اختلافهم في علم الهيئة


(١) درء التعارض (١/ ٦ - ٨).
(٢) درء التعارض (١/ ١٥٥ - ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>