للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاللَّهِ وَحْدَهُ} (١) وكذلك سائر الموتى ليس في مجرد رؤية قبورهم ما يوجب لهم زيادة المحبة إلا لمن عرف أحوالهم بدون ذلك فيتذكر أحوالهم فيحبهم، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يذكر المسلمون أحواله ومحاسنه وفضائله، وما من الله به عليه، وما من على أمته، فبذلك يزداد حبهم له وتعظيمهم له، لا بنفس رؤية القبر.

ولهذا تجد العاكفين على قبور الأنبياء والصالحين من أبعد الناس عن سيرتهم ومتابعتهم، وإنما قصد جمهورهم التأكل والترأس بهم، فيذكرون فضائلهم ليحصل لهم بذلك رئاسة، أو مأكلة لا ليزدادوا هم حبا وخيرا.

وفي مسند الإمام أحمد وصحيح أبي حاتم عن ابن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد» (٢).

وما ذكره هذا من فضائله فبعض ما يستحقه - صلى الله عليه وسلم -، والأمر فوق ما ذكره أضعافا مضاعفة، لكن هذا يوجب إيماننا به وطاعتنا له، واتباع سنته والتأسي به، والاقتداء به ومحبتنا له وتعظيمنا له، وموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه، فإن هذا هو طريق النجاة والسعادة، وهو سبيل الحق ووسيلتهم إلى الله تعالى، ليس في هذا ما يوجب معصيته ومخالفة أمره، والشرك بالله واتباع غير سبيل


(١) الممتحنة الآية (٤).
(٢) أحمد (١/ ٤٠٥) وابن حبان (٦/ ٩٤/٢٣٢٥) وابن خزيمة (٢/ ٦ - ٧/ ٧٨٩) والطبراني (١٠/ ١٨٨/١٠٤١٣) والبزار (٤/ ١٥١/٣٤٢٠) من حديث ابن مسعود. وقال الهيثمي في المجمع (٢/ ٢٧): "رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن". وقال في موضع آخر (٨/ ١٣): "رواه البزار بإسنادين في أحدهما عاصم بن بهدلة وهو ثقة وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح". وقال ابن تيمية في الاقتضاء (٣٣٠): "إسناده جيد". والشطر الأول من الحديث رواه البخاري معلقا (١٣/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>